-->
أجيال سيدي بنور أجيال سيدي بنور
صوت وصورة
جاري التحميل ...
صوت وصورة

في العلاقة مابين السلطة الرابعة والجهاز.

في العلاقة ما بين السلطة الرابعة والجهاز .

يعرف الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو مجموع الوسائط التي تتوسط بين جهاز السلطة والشعب بالجهاز الايديولوجي، ويقصد بها الاحزاب السياسية والنقابات العمالية والمؤسسات الاصلاحية واماكن العبادة والمدرسة العمومية وجمعيات العمومية...
غير ان بيير بورديو يضيق هذا التعريف على الاحزاب السياسية والنقابات العمالية وقد اضاف اليها الاعلام كسلطة رابعة...
اما لماذا تم الاتفاق على توصيف وتسمية الاعلام بالسلطة الرابعة لانه موكول له بحكم الطبيعة والوظيفة والهدف مراقبة عمل السلط الثلاث الاخرى التنفيذية والتشريعية والقضائية..وبالمقابل لا يخضع الا لسلطة واحدة هي سلطة القانون التي تنظمها احكام الدستور..

ما طبيعة العلاقة اذن بين الاعلام والفاعلين السياسيين والاجتماعيين؟ هل يجب ان تكون علاقة فصل ام وصل؟ استقلالية ام تبعية؟
ما وظيفة الاعلام تحديدا؟ الاخبار ام كشف الحقائق ام الاشهار والترويج او التزيين والتجميل؟

لعل من اجاب عن هذا السؤال بجد وبموضوعية هو الجنرال دوغول مؤسس الجمهورية الفرنسية، فقد شكلت له  ولحكومته جريدة " لوكانار اونشيني" صداعا سياسيا وحتى خصما سياسيا بتعبير مدير تحرير جريدة " لوموند ديبلوماتيك"، اضطره الى طلب استشارة مستشاريه الذين اشاروا اليه باصدار قرار بمنع الجريدة من الصدور...
ورغم خلفيته العسكرية التي تميل الى الانضباط والصرامة والحلول الفورية فان ديغول احتاج شهرين ليصدر قراره التاريخي بعدم محاكمة الصحافيين بمقتضيات القانون الجنائي وانما بمقتضيات قانون النشر، قائلا في هذا الصدد جوابا على ملتمس منع صدور الجريدة المذكورة...
" هل تريدونني ان اخنق صوت فرنسا"...والظاهر ان ديغول بعمقه السياسي جعل من الاعلام صوت فرنسا الحرة...

ما العلاقة التي يجب ان تكون بين الاعلام والفاعلين السياسيين في بلد يجرب حظوظه في مسار الديمقراطية؟

بمنطق تدرجي لا يمكن ان نسير بايقاع مرتفع ولا يمكن ان نحلم اكثر من امكانياتنا، وفي مرحلة المخاض والانتقال السياسي التي نعيشها لا يمكن الا نتصور حالة توتر وربما عدم فهم عفوي او مقصود لمهام ووظائف الاعلام ان لم يكن هناك سعي لتسخير الاعلام لغايات سياسية واقتصادية...
ومع ذلك فعشرين سنة الاخيرة بارتباط بقرار تحرير الاعلام سمحت ببعض التطور النسبي في فهم مهمة الاعلام...اي الاخبار و تحرير الخبر من كل السلط الملحقة الا من سلطة الخبر نفسه...
هذا الوضع ادى طبيعيا الى ميلاد نوعين من الصحافة، اولى مهنية و مستقلة و محايدة وموضوعية...
وثانية غير مهنية وتابعة وحتى ذيلية ..
 الاولى تحترم وظيفتها في الاخبار بغض النظر عن نوعية ومضمون الخبر والجهة المعنية به...وهي صحافة غالبا ما تسقط في متاعب قانونية ومالية...
وصحافة توظف الخبر لغير اهدافه اما ابتزازا او اغراء او لاهداف ومنافع مالية وسياسية...

وفي التعامل مع الاعلام اختار الفاعلون السياسيون والاجتماعيون تجدير وتعزيز هذين التوجهين...

الدكتور سعيد جعفر باحث  اكاديمي

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

أجيال سيدي بنور

2016